المنظور النفسي لشخصيات رواية اللص والكلاب
لقد
قدمت رواية اللص والكلاب شخصية سعيد مهران ذلك الشاب الفقير الذي تعرض لمختلف
أنواع الحرمان والقهر بمواصفات نفسية جعلت منه نموذجا إنسانيا عربيا يعاني من توتر
نفسي وعاطفي وقلق وغربة سواء تجاه من خانوه' نبوية، عليش، رؤوف' أو أحبوه' نور،
طرزان، فئة الفقراء' أو إزاء الزمن الماضي والحاضر والمستقبل.
فعن
طريق استرجاع شريط الألم ' وفاة والده، أمه، خيانة الزوجة الصديق، الأستاذ،' نفهم
سر جنون سعيد مهران، فجنونه أزمة نفسية ولدها الإنسان الذي خان شعبه وتنكر
للمبادئ، وأزمة ولدها الصديق الذي خان الصداقة، وولدتها الزوجة التي نسيت
الوفاء...، لذلك لا غرابة أن يعيش سعيد مهران فراغا عاطفيا، وروحانيا، وغربة،
وضياعا، وقلقا، وتوترا، وهذه صورة مصغرة لأسر كثيرة تشارك سعيد هذه المعاناة سواء
كان تواجدها داخل أم خارج المؤلف.
وهي
أزمة نفسية ألقت بثقلها على العلاقات العاطفية بين الأفراد، بحيث أصبحت أكثر
مأساوية، فعلاقات الحب التي يمثلها في المؤلف حب سعيد لابنته وحب نور لسعيد،
تتراجع لتفسح المجال للكراهية والحقد، فتكون النتيجة قتل ومطاردة ورغبة في
الانتقام، كما أن علاقة الوفاء التي يجسدها في المؤلف وفاء طرزان و نور لسعيد ، قد
تراجعت بدورها لتحل محلها الخيانة بأبعادها الاجتماعية والسياسية. بل حتى العلاقة
الروحانية بين الإنسان وربه تأثرت في وسط هذا المجتمع المادي ودليل ذلك علاقة سعيد
برباط علي الجنيدي.
هكذا
يبدو العالم النفسي كئيبا وما يزيد من كآبته حضور تيمات الظلم والكره والخيانة، خيانة
وظلم وكره أقرب وأعز الناس إليك أو من كان من المفروض أنهم يحبونك، وتيمة الحب
كذلك لكن بوجه جديد يسبب لصاحبه الأحزان أكثر من الأفراح، حب سعيد لسناء الجريح،
وحب نور لسعيد الذي فات زمنه.
تعليقات: 0
إرسال تعليق